نشرت في 2008-06-10
عدد الزيارات: 4245
طبيعة المرأة ومَيلها إلى التزيّن – ضرورة التوازن بين زينة الباطن والظاهر – مظاهر الإسراف في زينة الظاهر – حكم صبغ المرأة شعر رأسها – بعض المخالفات في زينة المرأة ( في الأظفار – في الحاجب )
أما بعد:
فيا أيها الإخوةالمسلمون:أوصيكم ونفسي بتقوى الله ومراقبته، فما قل ولا ذل عبد اتقى الله وحفظجوارحه عن الحرام .
أيها المسلمون: ومع آخر حلقة في سلسلة المرأة التي خضناغمارها في أسابيع ماضية مضت، وهي عن زينة المرأة المسلمة ما تأتي فيها وما تذر .
أيها الإخوة الكرام: إن المرأة بطبيعتها تميل إلى حب التزين والتجمل وهذا منأصل فطرتها وتكوينها، قال تعالى: (أومن ينشأ في الحلية وهو فيالخصام غير مبين)[الزخرف 18]وفي قراءة (أومن يَنشأ) وفي هذا العصر الذيكثرت فيه السهام الموجهة إلى صلاح المرة المسلمة وجمالها الباطن لكلي تعيش همّاجديدا في حياتها اسمه الموضة، فتضيع وقتا كبيرا وثمينا من أجل زينة الظاهر، وتبذرأموالا كثيرة، لمواكبة آخر ما أحدثته دور الموضة، وهكذا يراد للمسلمة أن تعيشمشغولة بتوافه الأمور متناسية العظيم منها:
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته أتطلبالربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسمإنسان
أيها الإخوة الكرام: إن المرأة لا تلام على حب الزينة والتزين، بل إن ذلكمطلوب منها شرعا، وهي مأمورة به بمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ينظر إليها سرته))، ولو لا الزينة لما رغب رجل في امرأته،ولكن المطلوب في الزينة هو عدم المبالغة، والتوازن بين الاهتمام بالظاهر والاهتمامبالباطن، إلا أن كثيرا من نساء اليوم غلبن جانب الاهتمام بالمظهر على سواه .
أيها الإخوة الكرام: وإليكم أرقام مهولة لاستعمال أدوات الزينة الخاصةبالمرأة، ففي عام 1997م، أنفقت نساء الخليج حوالي ثلاث مليارات ريال على العطورفقط، وخمسة عشر مليون ريال على صبغات الشعر، وبلغت مبيعات أحمر الشفاه أكثر منستمائة طن، فيما بلغت مبيعات طلاء الأظافر أكثر من خمسين طنا .
وإن الدارسين فيمعاهد وكليات الإعلام يعرفون جيدا أن نظريات الإعلام تركز على المرأة في إقناعالمستهلك على شراء المنتج الجديد حتى في السلع التي لا تتعلق بالمرأة، ولا تجدحملات الإعلان الموجهة للمرأة صعوبة كبيرة في إقناع النساء باتخاذ قرار الشراء،فهذا المنتج يحقق التميز، وذاك يوفر التجاعيد، وهذا يمنع تقصف الشعر، وذاك يفتحالبشرة إلى غير ذلك، وآخر تقاليع هذا التقليد إطلاق أسماء الفنانات وعارضات الأزياءعلى الماركات الجديدة .
أيها الأخ الموفق : ألم يأتك نبأ مساحيق التجميل، ومامكوناتها، إن أشهر ماركات مساحيق التجميل العالمية تصنع من أنسجة أجنة الإنسانالحية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية يدخلها سنويا أربعة آلاف جنين عن طريق ما فيالأجنة، لهذا الغرض ولغيره، وقد أثبتت بعض الأبحاث الحديثة التي أجرتها شركاتمساحيق التجميل الكبرى في الغرب الفائدة القصوى لأنسجة أجنة الإنسان في صناعةمساحيق التجميل، ومن هنا بدأ الجريمة المقننة التي يتعاون في صناعة مساحيق معالأطباء في إجهاض النساء، وسحب الجنين، وحفظه في أوعية خاصة تمهيدا لبيعه لشركاتإنتاج الصابون الخاص بجمال البشرة، وشركات إنتاج المساحيق والكريمات التي تغذيالبشرة .
وقد أعد الدكتور فلاديمير سكرتير عام اللجنة الدولية لحماية الطفل قبلالولادة بأمريكا، أعد تقريرا سريا عن تلك القضية، وقد أشار ضجة كبرى عرض شريطسينمائي بعنوان (الصيحة الصامتة)، أو بدأ الفيلم بعرض جنين سليم، ثم تصوير بالأشعةفوق الصوتية وهو لم يولد بعد، وينتهي بتقطيع أوصاله، وفصل رأسه عن جسده، وهو يسبحفي السائل المحيط داخل الرحم بفعل آلة الإجهاض الحديثة (الجيلوتين) التي تعمل علىتهشيمه تماما، وأوضح الشريط أن الجنين قد تعرض لآلام رهيبة حتى تمت عملية الإجهاض،كما أنه يعيش حالات الشعور بالألم حيث يتحرك بعيدا عن آلة الإجهاض التي تجلب لهالموت، كما زادت ضربات القلب الصغير زيادة كبيرة عندما واجهه خطر الموت، ويصرخ بشدةمثل صرخة الغريق تحت الماء، لقد تحول الإنسان إلى وحش يقتل نفسه بنفسه لغرضالمتاجرة والاحتيال .
ولم تكتف بعض الشركات بقتل الأجنة وعمل مساحيق التجميلمنها، بل فكرت في الاستفادة من الحشرات لتصنيع مساحيق التجميل، وقد اعترفت شركةهندية باستعمالها الصراصير المطحونة لإضافة البروتين إلى كريمات الوجه.
هذه بعضالحقائق المثيرة المخجلة، التي تكشف القناع الذي يلبسه مُدعو المدنيةوالموضة.
أيها الفضلاء: لقد أطلق الأطباء صيحات التحذير من هذه المساحيق لأنهامجلبة لبعض الأمراض كحب الشباب، والشيخوخة المبكرة، ولها تأثير على الدم والكبدوالكلى، ولها تأثير على البشرة عموما.
يقول الدكتور وهبه أحمد حسن أستاذ الأمراضالجلدية إن مكياج الجلد له تأثيره الضار، لأنه يتكون من مركبات معادن ثقيلة كالرصاصوالزئبق، تذاب في مركبات دهنية كما أن بعض المواد الملونة تدخل فيها بعض المشتقاتالبترولية، وكلها أكسيدات تضر بالجلد، وإن امتصاص المسام الجلدية لهذه المواد يحدثالتهابات وحساسية، أما لو استمر استخدام الماكياجات فإن لها تأثيرا ضارا علىالأنسجة المكونة للدم والكبد والكلى.
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن بازرحمه الله، عن حكم مساحيق التجميل فأجاب: المساحيق فيها تفصيل: إن كانت يحصل بهاجمال و لكن لا تضر الوجه ولا تسبب شيئا فلا بأس، أما إن كانت تسبب شيئا فيه ضررفإنها تمنع من أجل الضرر .
وفي الوقت الذي نرى فيه تزايد وتهافتا في استخداممستحضرات التجميل من نساء المسلمين، فإن الإحصاءات في الغرب تشير إلى انخفاض فيمبيعات مستحضرات التجميل.
ورب قائلة تقول : إننا نستعمل هذه الأدوات والمساحيقمنذ زمن ولم نصب بأذى، فالجواب على ذلك: أن الأضرار البدنية لهذه المواد قد لا يظهرأثرها في يوم وليلة أو شهر وشهرين، ولكن على المدى البعيد، وقد يطول وقد يقصر .
ومن مستحضرات التجميل إلى مستحضرات صبغ الشعر والإستشوار إذ أكد الأخصائيونوالأطباء أن متاعب شعر المرأة له أكثر من سبب، أكثرها شيوعا: استخدام صبغة الشعر،وتمشيط الشرع بالاستشوار، واستخدام مثبتات الشعر، فهذه تؤدي إلى تدمير بصيلاتالشعر، لما تحتويه هذه الأصباغ من مواد كيميائية ضارة بالشعر، وقد ذكر صبغ الشعروبين أنه ربما تكون هناك علاقة بين استخدام مستحضرات صبغ الشعر وبين الإصابة ببعضأنواع السرطان، قام بهذه الدراسة الباحثون في المعهد القومي الأمريكي للسرطان .
أما حكم مثل هذه المستحضرات فقد قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان أما صبغ المرأةشعر رأسها، فإن كان شيبا فإنها تصبغه بغير السواد لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم عنالصبغ بالسواد، وأما صبغ المرأة بشعر رأسها ليتحول إلى لون آخر، فالذي أرى أنه لايجوز.
ويرى الشيخ ابن عثيمين أن هذه الأصباغ إن كانت متلقاة من الكفار والغرضمنها التشبه بنسائهم فإنها محرمة لأن التشبه بالكفار محرم.
الخطبةالثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبهوسلم. وبعد:
أيها الاخوة الفضلاء: ومما يخالف الفطرة في زينة النساء ما يفعلهبعضهن من إطالة الأظافر، أو تركيب أظافر صناعية، وفي بحث علمي قامت به إحدىالجامعات، تمّ أخذ البقايا الموجودة، تحت أظفار الطلبة ووزعت هذه البقايا في أطباقخاصة في درجة حرارة الجسم، وفحصت الأطباق مجهريا، فكانت النتيجة وجود مئات منالأنواع المختلفة من الجراثيم الضارة الفتاكة في هذه البقايا كامنة منتظرة الدخولإلى جسم الإنسان وبخاصة عند تناول الطعام .
وقد يحتج البعض بأنه يعتني بأظفارهويغسلها يوميا، وحجته مردودة بأن الشرع قد نهى عن إطالة الأظافر، وأيضا : فإن غسلالأظافر لا يفيد في تنظيفها من الجراثيم والأوساخ، لأن الماء لا يصل إلى ما تحتالأظافر، أما طلاء الأظفار فإن الأطباء يحذرون منه يقول أحد استشاري الأمراضالجلدية والتناسلية، إن طلاء الأظفار بالمادة الكيميائية لها تأثيرها الضار علىالأظفار، حيث إن هذه المدة تعزل الهواء وتمنع تبادل الرطوبة بين الظفر والجو وربمايؤدي كثرة استعمالها إلى أن تصاب الأظفار بالاصفرار، وتصبح هشة سهلة الكسر .
وقدأفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، بأن تطويل الأظفار خلاف السنة، وقدثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الفطرة خمس: الختان، والإستحداد، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقلم الأظافر))، ولا يجوز أنتترك أكثر من أربعين ليلة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (وقت لنارسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وقلم الظفر، ونتف الإبط وحلق العانة، أنلا نترك شيئا من ذلك أكثر من أربعين ليلة ) ولأن تطويلها فيه تشبه بالبهائم وبعضالكفرة .
وسئل الشيخ محمد ابن عثيمين عن حكم استعمال المناكير فقال: لا يجوزللمرأة أن تستعمل هذه الأصباغ إذا كانت تصلي، لأنها تمنع وصول الماء في الوضوء، وكلشيء يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضئ، أما إذا كانت لا تصلي لوجودمانع فلا حرج عليها إذا فعلته، إلا أن يكون هذا الفعل من خصائص نساء الكفار فإنه لايجوز لما فيه من التشبه بهم .
أيها المسلمون: ومن الزينة التي فعلها بعض الناسهداهن الله نتف الحاجب واسمه في الشرع: النمص، يقول أحد الأطباء في ضرره إن إزالةشعر الحواجب ينشط الحلمات الجلدية، فتتكاثر خلايا الجلد وفي حالة توقف الإزالة،ينمو شعر الحواجب بكثافة ملحوظة .
يقول الشيخ عبد الله بن جبرين عن حكم النمص : لا يجوز القص من شعر الحواجب ولا حلقه ولا التخفيف منه ولا نتفه، ولو رضي الزوجفليس فيه جمال، بل تغيير لخلق الله وهو أحسن الخالقين، وقد ورد الوعيد في ذلك ولعنمن فعله، وذلك يقتضي التحريم .
أيها المؤمنون : إن ربنا سبحانه رحيم بنا، فهوالذي كتب على نفسه الرحمة، ولم يأمر عباده إلا بما نفعهم، ولم ينههم ألا بما يضرهمفمتى سار الناس منضبطين بأوامر ربهم ساروا بخير وعاشوا بخير، كما أن المسلمين ينبغيعليهم أن يكونوا على مستوى من الوعي والفهم والتأكد من كل شيء يتعاملون به فيحياتهم أو يستعمل لئلا يقعوا في المحاذير، والموفق من وفقه الله لإصلاح أهله وحفظهممن كل ما يؤذيهم في الظاهر والباطن .
اللهم اجعل حياتنا ومماتنا ونومنا ويقظتنا،وحركتنا وسكوننا لله رب العالمين لا شريك له .
ألا وصلوا وسلموا على من أمركمالله . .
والـــــــــــــــــــــسلام عــــــــــــــــليكم ورحــــــــــــــمة الله وبـــــــــــــــــركاته
المصدر:
منتدى البوادر
كاتب المقال: منصور الغامدي