تقع المدينة المنورة وسط الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية، وتحدد بخطوط الطول والعرض كما يلي:
خط الطول 36 , 39ْ تسع وثلاثون درجة وستة وثلاثون جزءاً من الدرجة.
خط العرض 28 , 24ْ أربع وعشرون درجة وثمانية وعشرون جزءاً من الدرجة.
وترتفع عن سطح البحر 625 متراً تقريباً، وتبعد عن مكة المكرمة 430 كم شمالاً، كما تبعد عن شاطئ البحر بخط مستقيم 150 كم، وأقرب الموانئ منها ميناء ينبع البحر الذي يقع في الجهة الغربية الجنوبية منها، ويبعد عنها 220 كم، وتبعد عن عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض 980 كم.
وضعت أمانة المدينة المنورة مخططاً حددت فيه المنطقة العمرانية ضمن ثلاث دوائر متوالية وغير منتظمة، ويبلغ قطرها في أقصى اتساعها 30 كم تقريباً، وهذا يعني أن المساحة النظرية للمدينة المنورة تبلغ 589 كم2 تقريباً، منها 293 كم2 تشغلها مناطق العمران، وتمتد فيها الأحياء، والبقية 296كم2 تشغلها الجبال، والأودية، ومجاري السيول، والمقابر، والحدائق العامة، وشبكة الطـرق السريعـة، والخدمات الأخرى.
المناخ :
يعتبر المناخ في المدينة المنورة بشكل عام جافاً، ويتميز بدرجات حرارة عالية تتراوح بين (30 ـ 45) درجة مئوية في الصيف، وبين (10 ـ 25) درجة مئوية في الشتاء، وتصل الحرارة إلى أعلى معدلاتها في الفترة من (يونيو / حزيران) إلى (سبتمبر / أيلول). وتسقط معظم الأمطار في (نوفمبر / تشرين الثاني، ويناير / كانون الثاني، ومارس / آذار، وإبريل / نيسان) ويبلغ أقصى معدل سنوي للأمطار 2،12 مم وذلك خلال شهر إبريل، ويقدر متوسط المعدل السنوي لسقوط الأمطار على المدينة حوالي 94,3 مم، ونادراً ماتسقط الأمطار في فصل الصيف.
ـ أما الرطوبة فهي منخفضة في معظم أوقات السنة، ومتوسط معدلها (22%)، ترتفع في فترات سقوط الأمطار إلى (35%)، وتنخفض في فصل الصيف لتصل إلى حوالي (14%).
وتهب على المدينة عادة رياح جنوبية غربية، وهي في الغالب حارة جافة، ويبلغ متوسط سرعتها ((5 ـ
) عقدة في الساعة، وتعد رياحاً هادئة.
من أشهر الأودية في المدينة
· وادي بُطحان :
أحد الأودية الكبيرة في المدينة المنورة، ويتكون من مسايل عدة، منها: مسيل يأتي من منطقة ذي حدر إلى قربان، حيث يلتقي مع الأودية الأخرى، ومنها: مسيل وادي رانوناء الذي في جنوبي المدينة، ومنها: مسيل وادي مذينيب، ووادي مهزور الآتيين من شرقي المدينة. وتمتد هذه المسايل وتكون مجرى يمر شمالاً غربي المسجد النبوي في منطقة السيح إلى غربي جبل سلع ويمتد بتعرج قليل إلى منطقة زغابة مجمع الأسيال، وقد سمي بطحان لأن القسم الذي يجري فيه داخل المدينة سهل منبطح، وقد سمي بأبي جيدة لأن الشيخ جيدة جد آل برادة أقام سدوداً من الجص لصد هذا السيل حتى لا يداهم الأحوشة الجنوبية من المدينة. وقد غطي مجرى بطحان قبل عدة سنوات بدءاً من منطقة قربان.
وفي رواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أن بطحان على ترعة من ترع الجنة. وفي رواية على بركة من برك الجنة. وفي حديث آخر عن ثابت بن شماس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه وهو مريض، فقال: اكشف الباس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس، ثم أخذ تراباً من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء، وصبه عليه.
· وادي رانوناء :
مسيل مائي يبدأ من شعاب جبل يقع جنوبي المدينة بعد جبل عير اسمه مقمة أو مقمن، ويتجه شمالاً حتى يدخل بساتين المدينة ما بين قباء والعوالي، ويمتد إلى منطقة قربان، ويميل غرباً حتى يلتقي بطريق قباء المتجه إلى المدينة ويحاذيه حتى يصب في مجرى وادي بطحان ويصبح جزءاً منه. بنيت في مجراه جنوب قباء سدود قوية قديماً لتحجز مياهه، وتكون بحيرة يستفاد من مائها في أشهر الجفاف. وذكر السمهودي في كتابه وفاء الوفا أن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان أقام عليه سداً، وذكر الأستاذ عبد القدوس الأنصاري أنه وجد نقوشاً قديمة ترجع إلى عهد صدر الإسلام تذكر السد، وأخرى تفيد أنه جدد في عهد الخلافة العثمانية عام 1289هـ وقد بنت الحكومة السعودية عليه سداً حديثاً. ويرتبط اسم وادي رانوناء بمسجد الجمعة الذي أقيم قريباً من مجراه القديم شمالي مسجد قباء وعلى بعد 900 متر منه تقريباً، ففي موضع هذا المسجد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول جمعة في الإسلام، وذلك عندما قدم مهاجراً إلى المدينة. ومازال مجرى وادي رانوناء موجوداً حتى الآن، وقد غطي القسم الذي يبدأ من منتصف منطقة قربان.
· وادي العقيق :
من أشهر أودية المدينة، وربما أودية الحجاز كلها. تتجمع مياهه من منطقة النقيع التي تبعد عن المدينة أكثر من مائة كيل جنوباً، ويسير إلى مشارف المدينة حتى يصل إلى جبل عير، ويسمى هذا الجزء منه العقيق الأقصى، ثم يسير غربي جبل عير، ويمر بذي الحليفة حتى يبلغ أقصى عير فينعطف شرقاً حتى يلتقي بوادي بطحان قرب منطقة القبلتين، ثم يسير باتجاه الشمال الشرقي قليلاً ثم شمالاً فيلتقي بوادي قناة القادم من شرقي المدينة عند منطقة (زغابة). ويسيل وادي العقيق في الشتاء مثل نهر كبير، وفي السنوات التي تكثر فيها الأمطار تظل المياه فيه عدة أشهر. وتدل الكتابات التاريخية أنه كان في بعض العصور أشبه بنهر دائم الجريان لذلك قامت على ضفافه في العصر الأموي وشطر من العصر العباسي قصور كثيرة ، وتزاحم الميسورون على قطع الأراضي بجانبيه حتى لم يعد فيه موضع لمزيد من البناء، ومن أشهر القصور فيه: قصر سعد بن أبي وقاص، ومازالت بعض أثاره قائمة حتى الآن. وقصر عروة، وقصر سكينة بنت الحسين، وغيرها كثير. كما نشأت بالقرب منه مزارع خصبة تغطيها أشجار النخيل وشتلات الخضراوات والفواكه فضلاً عن الحدائق التابعة للقصور القائمة فيه لذلك يمكن أن نتصور منطقة العقيق في فترة ازدهارها مساحة خضراء يتخللها مسيل مائي واسع شبه متعرج فيها أشجار النخيل والفواكه وبساتين الخضار وغيرها. وفيه القصور المسورة المتلاصقة حيناً والمتباعدة شيئاً حيناً آخر. غير أن هذه الحالة الزاهرة انتهت عندما تقلصت المدينة في القرن الهجري الثالث وهجرت القصور وتهدمت.
وتصف المصادر التاريخية مياهه ومياه الآبار فيه بالعذوبة، ولذا يتزود منها أهل المدينة والمسافرون إليها، ومن أشهر آباره بئر عروة. ويسمى القسم الذي يبدأ من جبل عير إلى زغابة العقيق الأدنى وهو داخل حرم المدينة. وقد ورد في الأحاديث بأن العقيق واد مبارك، ففي صحيح البخاري باب بعنوان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم (العقيق وادٍ مبارك) وفيه حديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق، يقول: (أتاني الليلة آت من ربي، فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك). وقد فرشت أرض المسجد النبوي في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحصى ناعمة من أرض العقيق. وقد امتد العمران حالياً إلى أطراف العقيق حتى ذي الحليفة، ومازال مجراه يمتلئ بالماء كلما هطلت أمطار غزيرة. والجدير بالذكر أن في الجزيرة العربية عدة أودية تحمل هذا الاسم، ولكن أشهرها عقيق المدينة. وكلمة العقيق مشتقة من العق وهو الشقّ، وربما يكون قد سمي بهذا الاسم، وكذلك الأودية المسماة به لأنه في الأصل سيل يشق الأرض ويجري في مجراه.
· وادي قناة :
أحد الأودية الكبيرة التي تأتي إلى المدينة، ويروى أن مسيله يبدأ من جبال الطائف، حيث تتجمع فيه عدة أودية في الطريق إلى أن يصل إلى المدينة من جهتها الشمالية الشرقية ويمر من جنوبي جبل أحد باتجاه الغرب، ويميل قليلاً إلى الشمال حتى يلتقي مع وادي العقيق عند زغابة. ويصب في مجمع الأسيال. وتذكر المصادر التاريخية أنه فاض بسيل عظيم عدة مرات، وخشي الناس أن يجتاح المدينة. وسمي في بعض المصادر سيل سيدنا حمزة لمروره بمنطقة أحد. كما تذكر أن مجراه قد تغير في شرقي المدينة عام 654 هـ فقد حدثت في تلك السنة تغيرات مناخية كثيرة، وشهدت المدينة أمطاراً وزلزالاً، وانفجر بركان ضخم في أطراف حرة واقم، وفاض وادي قناة، وهدد المدينة من شرقيها، ولكن الحمم المتدفقة من البركان سدت مجراه باتجاه المدينة، فتحول شمالاً وتجمعت خلفه بحيرة عظيمة ظلت عدة سنوات كثرت فيها المياه الجوفية في المزارع، وجرى الوادي باتجاه الشمال قليلاً وابتعد عن المناطق السكنية، ثم تابع مجراه جنوبي أحد، ومازال مجراه كذلك حتى اليوم، يفيض عندما تكثر الأمطار.
· وادي مهزور :
مهزور: وادٍ بالمدينة المنورة يمتلئ بالمياه عندما تكثر الأمطار، تتجمع مياهه من مناطق تبعد عن المدينة أربعين ميلاً، ويدخل المدينة من حرة واقم (الحرة الشرقية)، ويسير غرباً مع وادي مذينيب في منطقة قربان، ويصبان في مجرى بطحان. وعلى أطراف مهزور قامت مزارع نخيل، وبساتين خصبة. وعندما جاء اليهود إلى المنطقة نزل بنو قريظة على قسم من مهزور، وبنوا الحصون والآطام، وأنشؤوا المزارع. وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم اختلف بعض الصحابة في تقسيم مياهه بينهم، واحتكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحكم لهم أن الماء إذا بلغ الكعبين لايحبسه من يمر به عمن يليه. وتذكر المصادر التاريخية أن وادي مهزور سال سيلاً عظيماً في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى خاف الناس أن يغرق المدينة فَسُدَّ مجراه إليها بردم كبير، وأنه سال أيضاً عام 156هـ وخاف الناس أن يجتاح المسجد النبوي، فاستنهض أمير المدينة عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس الناس لتدارك الأمر، فدلتهم امرأة عجوز من أهل العالية على موضع كانت تسمع الناس يذكرونه فحفروه فوجدوا قناة واسعة فأجروا السيل إليها فدخلها ومضى منها إلى وادي بطحان. ويبدو أن هذه القناة كانت على مجاري الوادي إلى بطحان.
ومن أشهر جبال المدينة
· جبل أحد :
من أهم المعالم الطبيعية في المدينة وأظهرها، ويمتد أحد كسلسلة جبلية من الشرق إلى الغرب، مع ميل نحو الشمال، في الجهة الشمالية من المدينة، ومعظم صخوره من الجرانيت الأحمر، وأجزاء منه تميل ألوانها إلى الخضرة الداكنة والسواد، وتتخلله تجويفات طبيعية تمسك مياه الأمطار أغلب أيام السنة، لأنها مستورة عن الشمس، وتسمى تلك التجويفات (المهاريس). ويبلغ طول جبل أحد سبعة أكيال، وعرضه ما بين 2-3 أكيال، ويبعد عن المسجد النبوي خمسة أكيال تقريباً، وتنتشر على مقربة من جبل أحد عدة جبال صغيرة، أهمها: جبل ثور في شماله الغربي، وجبل عينين في جنوبه الغربي. ويمر عند قاعدته وادي قناة ويتجاوزه غرباً ليصب في مجمع الأسيال.
ويرتبط اسم هذا الجبل بموقعة تاريخية وقعت في السنة الثالثة للهجرة وسميت باسمه (غزوة أحد) وكان ميدانها الساحة الممتدة ما بين قاعدته الجنوبية الغربية وجبل عينين الذي يبعد عنه كيلاً واحداً تقريباً ويسمى أيضاً (جبل الرماة).
فقد زحفت قريش وحلفاؤها إلى المدينة لتنتقم من المسلمين وتثأر لقتلاها في غزوة بدر التي وقعت في السنة الثانية للهجرة وتصدى لهم المسلمون في هذا المكان، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرماة على جبل عينين وأوصاهم ألا يغادروه مهما كانت الظروف حتى يأتيهم أمره. ودارت المعركة ورجحت كفة المسلمين وبدأ المشركون بالهرب، وظن معظم الرماة أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فنزلوا من الجبل ولم يلتفتوا لنداءات أميرهم وتبعوا المشركين وبدؤوا يجمعون الغنائم. وانتهز قائد فرسان المشركين خالد بن الوليد ـ ولم يكن قد أسلم بعد ـ الفرصة والتف بفرسانه بسرعة من حول الجبل وفاجؤوا بقية الرماة فقتلوهم ثم هاجموا المسلمين من خلفهم فتشتت صفوفهم واستشهد منهم سبعون ـ وكان منهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ثم انسحب المشركون ودفن الشهداء في موقع المعركة عند قاعدة جبل أحد بينه وبين جبل عينين، وقبورهم يزورها المسلمون أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي زارهم ودعا لهم.
ولجبل أحد مكانة كبيرة في نفوس المسلمين فقد وردت في فضله أحاديث عدة منها قوله صلى الله عليه وسلم (إن أحداً جبل يحبنا ونحبه).
· جـبل ثـور :
جبل صغير، يقع خلف جبل أحد من جهة الشمال، وهو الحد الذي يبدأ منه حرم المدينة شمالاً، ويمتد جنوباً إلى جبل عير، وذلك لقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم : (المدينة حرم ما بين عير إلى ثور). وقد وصفه بعض المؤرخين بأنه مدور أقرب إلى الحمرة خلف أحد عن يساره. وقد شكلت لجان رسمية لتحديده بدقة من بين مجموعة الجبال المتقاربة في المنطقة.
· جــبل ذبــاب :
جبل صغير أسود، يقع في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي، ويبعد عن سوره الحالي أقل من كيل، ولا يتجاوز ارتفاعه عشرين متراً. ويروى أنه سمي بهذا الاسم نسبة إلى رجل من اليمن، قدم إلى المدينة وقتل بعض أهلها فقتل وصلب على بعض صخوره، وكانت الطريق الخارجة من ثنية الوداع الشامية تمر به فيراه الداخلون والخارجون. كما أن الخندق الذي حفره المسلمون في السنة الخامسة للهجرة يمر من قاعدته الغربية. وتذكر بعض الكتب التاريخية أنه ضربت قبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد راية لبعض الصحابة عنده، لذلك بني فوقه مسجد أثري صغير سمي مسجد الراية أو مسجد ذباب، وفي وقتنا الحاضر غطى العمران معظم الجبل، وأصبح المسجد الأثر الممميز للجبل.
· جبل سلع :
يقع جبل سلع غربي المسجد النبوي على بعد خمسمائة متر تقريباً من سوره الغربي. يبلغ طوله كيلاً واحداً تقريباً، وارتفاعه 80 متراً، وعرضه ما بين 300 ـ 800 متراً، ويمتد من الشمال إلى الجنوب ويتفرع منه أجزاء في وسطه على شكل أجنحة قصيرة باتجاه الشرق والغرب.
ويتكون الجبل من صخور بازلتية لونها بني داكن، ويميل إلى السواد في بعض المناطق. ولجبل سلع مكانة تاريخية متميزة فقد وقعت عدة أحداث مهمة على سفوحه أو بالقرب منه، أهمها: غزوة الخندق التي تجمع فيها المشركون في جهته الغربية، وكان يفصل بينه وبينهم الخندق الذي حفره المسلمون في السنة الخامسة للهجرة، وكان سفح جبل سلع مقر قيادة المسلمين فقد ضربت خيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورابط عدد من الصحابة في مواقع مختلفة منه. وعند قاعدة الجبل سكنت منذ العهد النبوي قبائل عدة، وفي العهد العثماني أقيمت على قمته عدة أبنية عسكرية مازالت آثارها باقية حتى الآن. وفي عصرنا الحاضر أحاط العمران بالجبل من كل ناحية، وصار جزءاً من حدود المنطقة المركزية للمدينة المنورة.
· جبل سليع :
جبل صغير، يقع شرقي جبل سلع، تفصل بينهما منطقة صغيرة كانت تسمى (ثنية عثعث). سكن على سفحه وحوله بنو أسلم من المهاجرين. وقد بنى عليه بعض أمراء المدينة في العهد المملوكي (جماز بن شيحة 657 ـ 700) قصراً محصناً واتخذه مقراً له. وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني امتد سور المدينة من خلفه وبنيت عليه بعض أبراج السور والقلعة، وضمن التنظيمات الحديثة للمنطقة المركزية المحيطة بالحرم اقتطعت مساحات من قاعدته وسفحه وبقي منه الجزء المرتفع ليدل على وجوده التاريخي.
· جـــبل عيــر :
يقع جبل عير في المنطقة الجنوبية الغربية من المدينة المنورة، ويبعد عن المسجد النبوي ثمانية أكيال، ومتوسط عرضه سبعون متراً، وارتفاعه عن سطح البحر حوالي 955 متراً. وهو جبل طويل يمتد من الشرق إلى الغرب، وسطحه مستوٍ ليس فيه قمة لذلك سمي بجبل عير تشبيهاً له بظهر الحمار الممتد باستواء يبلغ طوله ألفي متر تقريباً، ويعد جبل عير الحد الجنوبي لحرم المدينة المنورة، وقد ورد في الحديث الشريف: (المدينة حرم ما بين عير إلى ثور).
· جـــبل عــينين :
جبل صغير، يقع قرب جبل أحد، وفي الجهة الجنوبية الغربية منه في المنطقة التي وقعت فيها غزوة أحد سنة ثلاث للهجرة. لذلك يسمى أيضاً جبل الرماة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الرماة عليه قبيل الغزوة، وأوصاهم أن يحموا ظهور المسلمين ويمنعوا تسلل المشركين من خلفه. يمتد هذا الجبل من الشمال إلى الجنوب مع شيء من الميل نحو الشرق وبقربه مجرى وادي العقيق، وهو قليل الارتفاع بني عليه في العهد العثماني مسجد صغير وبعض البيوت وأزيلت مؤخراً، وقد تضاءل حجمه وارتفاعه حالياً بسبب ارتفاع مستوى الأرض المجاورة له بالطمي الذي كانت تخلفه السيول من وادي العقيق، وبسبب تحسين المنطقة وشق الطرق حولها لذلك تبدو بقاياه اليوم دون ما كانت عليه من قبل. وقد دفن عدد من شهداء أحد بقربه من جهة الشمال.
· جماوات :
الجماوات ثلاثة جبال غير كبيرة تقع في الجهة الغربية من المدينة المنورة وعلى امتداد قسم من وادي العقيق، وكلمة جماوات جمع جماء، ومن معاني هذه الكلمة الشاة التي ليس لها قرون. ويروى أنها سميت بهذا الاسم لأن قسمها العلوي ممتد وليس له قمة. وتتوالى هذه الجماوات من الغرب إلى الشرق مع ميل واضح نحو الشمال على النحو التالي:
جماء العاقر، وتسمى أيضاً جماء العاقل، وهي أبعدها عن المدينة.
جماء أم خالد، وتقع شمالي جماء العاقر.
جماء تضارع، وهي أقرب الجماوات إلى المدينة، ويسمى السهل الذي يقع في قاعدتها ويمتد بمحاذاة العقيق (العرصة).
· الحرار :
o حرة واقم :
حرة واقم: وتسمى أيضاً (الحرة الشرقية)، وهي هضبة طويلة ممتدة شرقي المدينة، فيها مجموعة تلال، وفيها أراضٍ منبسطة، وسميت الحرة لأن جزءاً كبيراً من سطحها مغطى بصخور وحجارة بركانية سوداء تجعلها شديدة الحرارة في الصيف. ويروى أنها سميت واقم نسبة إلى شخص أو جماعة من العماليق نزلوا فيها، كما يروى أن التسمية قصد بها الدلالة اللغوية لكلمة واقم وهي الحاجز، ففي القاموس وقمت الرجل عن حاجته إذا رددته. تشكل حرة واقم حاجزاً طبيعياً يحمي المدينة من شرقيها فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل السير عليها. ولكنها لا تخلو من ممرات ضيقة وقابلة للحراسة. وعلى الجانب الغربي من حرة واقم سكنت قبائل عدة قديماً للاستفادة من حمايتها الطبيعية ومن الأودية التي تنحدر منها ويرتبط اسم هذه الحرة بمعركة دامية وقعت عام 63هـ عندما خلع معظم أهل المدينة بيعة يزيد بن معاوية؛ فأرسل يزيد جيشاً بقيادة مسلم بن عقبة، وحفر الثائرون الخندق وتحصنوا خلفه، ونزل جيش عقبة في أدنى الحرة فأعطى الثائرين مهلة ثلاثة أيام ليعودوا إلى الطاعة ولهم الأمان، ولكنهم رفضوا واستطاعت مجموعة من فرسانه بقيادة مروان بن الحكم أن تتسلل من إحدى ثغرات الحرة غير المعروفة وتفاجئ المرابطين خلف الخندق، وكان هذا سبباً لانتصار جيش مسلم بن عقبة وحدوث مجازر دامية. وفي عام 654هـ ثار بركان قوي من إحدى تلال هذه الحرة، واستمر قرابة ثلاثة أشهر فازدادت المقذوفات البركانية في المنطقة، وفي العصر الحاضر زحف العمران إلى طرف حرة واقم واستطاعت الآليات الحديثة أن تمهد قسماً واسعاً فيها لتقوم عليه أحياء سكنية جديدة.
o حرة الوبرة :
وتسمى أيضاً الحرة الغربية لأنها تقع في الجهة الغربية من المدينة. وهي أقل وعورة من حرة واقم، ويتخللها مساحات منبسطة صالحة للعمران، تظهر فيها عدة تلال وقيعان تتجمع فيها مياه الأمطار. وتمتد من مسجد القبلتين شمالاً إلى محاذاة مسجد قباء جنوباً، وكانت تشكل حاجزاً طبيعياً يحمي المدينة من جهتها الغربية وجزء من جهتها الجنوبية، وكانت مزارع النخيل الكثيفة تغطي المساحات المنبسطة منها، وليس لها سوى منافذ قليلة أشهرها منفذ ثنية الوداع التي يخرج منها المسافرون إلى مكة. وفي العصر الحديث استصلح قسم كبير من أراضي هذه الحرة وزحف العمران إليها.
تاريخ المدينة المنورة
· الموقع قديماً :
تذكر المصادر التاريخية أن المدينة المنورة (يثرب) سابقاً، أسست أول الأمر في منطقة تجري إليها مجموعة من الأودية تنتهي إلى مجرى واحد، وهي في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي، وتبعد عنه حوالي 5 كم. وبسبب كثرة المياه هناك، وتحولها إلى سبخات تتجمع حولها الهوام، استوخمها سكانها فيما بعد، فتحولوا عنها إلى منطقة (زهرة)، وهي جنوبي المسجد النبوي حالياً، مابين قربان وقباء، ومع تزايد عدد السكان امتدت رقعة المكان إلى بطحان، وإلى مذينيب شرقاً وأطراف رانوناء شمالاً. ومن القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي، بدأت دفعات من اليهود تتقاطر إليها وتستوطن مواقع غير متباعدة على أطراف الوديان وتترس بعضهم بتلال الحرة الغربية، وتقول بعض الروايات: إنهم نزلوا في غير هذه المواقع بداية ولكن تحولوا إليها فيما بعد، إذ استقر بنو قريظة في وداي مهزور، وبنو النضير في وادي بطحان، وبنو قينقاع في الوسط، ولما وفد الأوس والخزرج نزلوا أطراف حرة واقم، وامتدوا غرباً إلى بطحان وإلى حرة الوبرة، على شكل مجموعات متقاربة حيناً ومتباعدة حيناً آخر. وعندما وصل المسلمون المهاجرون من مكة نزلوا في بيوت إخوانهم الأنصار (الأوس والخزرج) أول الأمر، ثم بنوا مساكن لهم حول المسجد النبوي الذي توسط المنطقة العمرانية السابقة تقريباً، ثم في مناطق أخرى بين أحياء الأنصار، ثم آلت إليهم بعض مساكن اليهود الذين تخلصت المدينة منهم، وبذلك أخذت المدينة موقعها النهائي قديماً. وخلال العصور اللاحقة وإلى يومنا هذا تقلص حجم المدينة، واتسع مراراً، ولكن وجود المسجد النبوي فيها جعل موقعها ثابتاً، وجعل الأحياء والمساكن تتوزع حوله في حلقات متوالية، وفي الحدود التي حدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: جبل عير جنوباً، وجبل ثور شمالاً.
· الموقع حالياً :
تقع المدينة المنورة وسط الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية، وتحدد بخطوط الطول والعرض كما يلي:
خط الطول 36 , 39ْ تسع وثلاثون درجة وستة وثلاثون جزءاً من الدرجة.
خط العرض 28 , 24ْ أربع وعشرون درجة وثمانية وعشرون جزءاً من الدرجة.
وترتفع عن سطح البحر 625 متراً تقريباً، وتبعد عن مكة المكرمة 430 كم شمالاً، كما تبعد عن شاطئ البحر بخط مستقيم 150 كم، وأقرب الموانئ منها ميناء ينبع البحر الذي يقع في الجهة الغربية الجنوبية منها، ويبعد عنها 220 كم، وتبعد عن عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض 980 كم.
· المساحة قديماًً :
تختلف مساحة المدينة المنورة وبخاصة العمرانية من عصر إلى آخر، باختلاف عدد قاطنيها، ولم تسعفنا المصادر بأرقام دقيقة عن مساحتها في تلك العصور، ولكن من خلال الأخبار الواردة في المصادر القديمة يمكن أن نقدر مساحة المدينة يومها بعدد محدود من الأكيال المربعة. والمعتقد أن مساحة المدينة عند تأسيسها، كانت لا تتجاوز كيلو مترات مربعة قليلة؛ تجمع فيها الوافدون الأوائل، وبنوا أكواخهم وبيوتهم البسيطة متلاصقة أو متقاربة ليحموا أنفسهم من الوحوش والغزاة، ومع ازدياد عدد السكان بنيت أكواخ جديدة، واتسعت المساحة، وكانت المنطقة التي أسست فيها (يثرب) سهلية، تنتشر فيها الأودية، والينابيع، وتكسوها الخضرة، والأشجار غير الكثيفة، ومن اليسير توسيع رقعة العمران؛ ومع وفود قبائل أخرى من داخل الجزيرة العربية ومن خارجها (القبائل العربية من البوادي واليهود من فلسطين والأوس والخزرج من اليمن) تضاعفت المساحة العمرانية أضعافاً عدة وتوزعت متباعدة حيناً ومتقاربة حيناً آخر وانتشرت بين المزارع، والأودية، والسهول، فامتدت من جبل أحد شمالاً، إلى الحرة الشرقية شرقاً، ووادي العقيق غرباً وقباء جنوباً، وتقدر هذه المساحة بدائرة قطرها 8 كم تقريباً، تغطيها مناطق واسعة من المزارع، والأراضي البيضاء والجبال، والتلال، والأودية.
ـ وفي (العهد النبوي) ظهرت مجموعة عمرانية وسط هذه التجمعات السكنية، وأصبح المسجد النبوي مركز المدينة، وازدحم العمران حوله، ثم انتشر في الفراغات الواسعة بين الأحياء.
ـ وفي (العهد الأموي) ظهر حي كبير على امتداد وادي العقيق فيه قصور وأبنية تتخللها حدائق جميلة، وامتد العمران بين المسجد وقباء.
ـ وفي (العهد العباسي) أخذت المساحة بالتقلص منذ منتصف القرن الثالث في دائرة لا يزيد قطرها عن كيلين من الأرض، وبني حول العمران سور طيني بسبب اضطراب الأمن وكثرة الفتن، وقد جدد السور نفسه بعد قرن من الزمن دون زيادة.
ـ وفي منتصف القرن الهجري السادس تضاعف العمران، وبني سور آخر امتد غرباً أكثر من ضعف السور السابق، وهذا يدل على أن الكتلة السكنية حول المسجد النبوي قد اتسعت، وأن العمران في المناطق البعيدة تضاءل، وتحولت تلك المناطق إلى قرى مستقلة وخاصة قباء.
ـ وتغيرت المساحة بعد ذلك امتداداً حيناً وتقلصاً حيناً آخر حسب الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وظهرت مساكن خلف السور، وجدد السور في العهد العثماني، وبلغت المدينة أقصى اتساع لها في أواخر العهد العثماني عندما وصل إليها الخط الحديدي الحجازي وانتشرالعمران في محيطها الواسع السابق أي في دائرة قطرها 8 كم تقريباً.
· المساحة حالياً :
وضعت أمانة المدينة المنورة مخططاً حددت فيه المنطقة العمرانية ضمن ثلاث دوائر متوالية وغير منتظمة، ويبلغ قطرها في أقصى اتساعها 30 كم تقريباً، وهذا يعني أن المساحة النظرية للمدينة المنورة تبلغ 589 كم2 تقريباً، منها 293 كم2 تشغلها مناطق العمران، وتمتد فيها الأحياء، والبقية 296كم2 تشغلها الجبال، والأودية، ومجاري السيول، والمقابر، والحدائق العامة، وشبكة الطـرق السريعـة، والخدمات الأخرى.
· السكان قديماًً :
تذكر المصادر التاريخية أن أول من سكن المدينة مجموعة من أحفاد نوح u، في الجيل السادس أو الثامن (من العماليق أو قبيلة عبيل) يقودهم رجل اسمه (يثرب)، نزلت في منطقة خصبة، كثيرة المياه، تحضنها جبال منيعة. ولانعرف شيئاً عن عددهم، وربما كان لايتجاوز العشرات أو المئات القليلة. ثم تزايدت أعدادهم على مر السنين. ووفدت إليهم مجموعات أخرى جاورتهم. وعندما شرّد الملك البابلي (بختنصر) اليهود وصلت أعداد منهم إلى (يثرب)، وتبعتهم مجموعات وقبائل كاملة في فترات متوالية من تشريدهم، آخرها في القرن الأول الميلادي. وأهم تلك القبائل: بنو النضير، وبنو قريظة، وبنو قينقاع. وقد استوطنت هذه القبائل في مناطق متجاورة غير بعيدة عن اليثربيين وكان لكل قبيلة تجمع خاص بها، بعد ذلك وفدت قبائل الأوس والخزرج قادمة من اليمن، وتوزعت في بقية المنطقة، فكبرت (يثرب)، وصار سكانها مجموعات منوعة من الناس متوزعة بين المزارع وعلى ضفاف الأودية قرب الينابيع القديمة. وحدث تزاوج وتمازج محدود بين القبائل، وكان نادراً بين اليهود وغير اليهود، كما حصلت حروب طاحنة بينهم آخرها الحروب الطويلة بين الأوس والخزرج.
ـ ويقدر عدد السكان في آخر فترة قبل الإسلام ما بين 12 ـ 15 ألف نسمة على امتداد المنطقة. ولما هاجرالمسلمون الأوائل من مكة إلى المدينة تغيرت المعادلة السكانية، ومرت بمراحل مد وجزر، إذ وفدت إليها مجموعات قبلية و أفراد من مكة والبادية، وكان صلى الله عليه وسلم أجلى عنها من بقي من اليهود، ويقدر عدد سكانها أيام وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ألفاً.
ـ وخلال العهد الراشدي خرجت مجموعات كبيرة إلى حروب الردة والفتوحات، واستشهد كثيرون منهم وأقام آخرون في المجتمعات الإسلامية الجديدة في الشام والعراق ومصر، مما أنقص عدد السكان عدة آلاف.
ـ وفي العهد الأموي عُمّرت أحياء جديدة لاستيعاب الأعداد الوافدة التي ساوت أعداد قاطني المدينة أواخر العهد النبوي إن يزد قليلاً، ولا نملك إحصاءات دقيقة.
ـ وفي العهد العباسي بدأ عدد السكان يتناقص تدريجياً، إذ يقدر وقتها بثلاثة آلاف تقريباً، كما يستدل من السور الذي بني حول المدينة في منتصف القرن الثالث الهجري والسور الذي بني في القرن الرابع وكان ذلك الضمور نتيجة كثرة الفتن، واضطراب الأحوال الأمنية، والفتن الكثيرة التي ظهرت، وسوء الأحوال الاقتصادية يومها.
ـ وفي القرن السادس ازداد عدد السكان، ولم تعد تتسع لهم المنطقة المحصورة داخل السور، وبنى لهم نور الدين زنكي عام 558 هـ سوراً ثانياً طوله أكثر من ضعف السور الأول، مما يدل على أن عدد السكان قد زاد على ستة آلاف نسمة.
ـ وبعد ذلك تقلب عدد سكان المدينة بين زيادة ونقص، تبعاً للأحوال الأمنية والاقتصادية، ولكنه هبط في أوائل القرن العاشر إلى ثلاثة آلاف تقريباً، ثم ازداد في العهد العثماني، ووصل في القرن الثالث عشر إلى عشرين ألف نسمة تقريباً.
ـ وفي القرن الرابع عشر الهجري ازدهرت المدينة عندما وصلها الخط الحديدي الحجازي، ووصل عدد سكانها إلى ثمانين ألفاً، لكنه عاد وانخفض انخفاضاً حاداً عندما قامت الحرب العالمية الأولى، وأجبر معظم أهل المدينة على الخروج منها حتى لم يعد فيها من أهلها إلا العشرات بسبب الصراع بين العثمانيين والهاشميين، وأجبر فخري باشا ـ الحاكم العثماني ـ معظم أهلها على الرحيل ليقاوم خصومه حتى لم يبق منهم سوى عشرات الأفراد.
ـ ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى وخروج العثمانيين عاد إلى المدينة عدد من أهلها، واستقر الباقون في الأماكن التي هاجروا إليها.
ـ وعندما بدأ العهد السعودي أخذت المدينة بالنمو والازدهار، وارتفع عدد السكان تدريجياً، وعاد إليها كثيرون من أهلها المهاجرين، ووصل العدد في عام 1391هـ إلى 137 ألف نسمة، وبدأت القفزات الواسعة في أعداد السكان.
· السكان حالياً :
شهدت المدينة المنورة ـ وسائر مناطق المملكة العربية السعودية ـ تطوراً وازدهاراً كبيرين في العقود الثلاثة الأخيرة، وتضاعف عدد سكانها عدة أضعاف، فبلغ حسب إحصاءات عام 1413هـ 608 ألف نسمة ينتمون إلى قبائل وأعراق مختلفة، بعضهم من أهل المدينة المقيمين فيها منذ قرون طويلة، وبعضهم من الوافدين إليها من أنحاء المملكة، وبعضهم من القادمين من البلاد العربية والإسلامية للعمل، ويتوزع السكان في ثلاث دوائر عمرانية مركزها المسجد النبوي الشريف، ومحيطها الأخير خلف جبل أحد شمالاً وذي الحليفة (آبار علي) غرباً وسد بطحان جنوباً والعاقول شرقاً.
ونتيجة للتطورات العمرانية توزع السكان على أحياء المدينة وتغيرت الكثافة السكانية فيها فتضاعف في الأحياء الداخلية حول المسجد النبوي بسبب إعادة عمران المنطقة، والتوجه نحو تأمين مناطق سكنية وتجارية تخدم الزوار فيها، وازدادت في المناطق التالية: قربان، وقباء، والحرة الشرقية، والحرة الغربية، إلخ...، وفي أطراف المدينة مثل آبار علي، ومنطقة العاقول، ومنطقة سيد الشهداء.
وإضافة إلى المقيمين الدائمين في المدينة يفد إليها أعداد كبيرة من الزوار في المواسم، وخاصة في رمضان وذي الحجة، ويبلغ عددهم عدة مئات من الآلاف، يمكثون فيها أياماً وأسابيع قليلة ثم يعودون إلى بلادهم.
المسجد النبوي الشريف
مقدمة :
في المدينة المنورة أربعة أماكن متميزة حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على زيارتها وهي :
المسجد النبوي، ومسجد قباء، والبقيع، ومقبرة شهداء أحد . أما المسجد النبوي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلازمه ويحض على شد الرحال إليه، وأما الأماكن الثلاثة الأخرى فكان يحرص على زيارتها، وكذلك فعل الصحابة والتابعون وبقية السلف الصالح من بعده، وقد وردت في الأحاديث الصحيحة فضائل عدة لهذه الأماكن، لذلك فإن زيارتها من أهم ما يحرص عليه أهل المدينة والقادمون إليها.
وفيما يلي ذكر لبعض فضائلها، وآداب الزيارة:
· حرم المدينة المنورة :
المدينة حرمٌ آمن لا يسفك فيها دم، ولا يُصاد صيد ولا يقطع شجر.
وقد وردت هذه الحرمة في عدد من الأحاديث النبوية، منها ما رواه أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( إن إبراهيم حرّم مكة فجعلها حراماً، وإني حرّمت المدينة، حراماً مابين مأزميها ألا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا يخبط فيها شجر إلا لعلف )) .[صحيح مسلم ، رقم1374].
و منها قوله صلى الله عليه وسلم (( المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله تعالى والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه يوم القيامة عدلٌ ولا صرف)).[صحيح مسلم رقم،1371].
وقد قامت لجنة رسمية على مستوى عال بتحديد منطقة الحرم ميدانيا، ووضعت تقريراً مفصلاً، وتولت أمانة المدينة المنورة، بناء على هذا التقرير، وضع علامات معمارية متميزة على الأرض تبين هذه الحدود.
· وقد وتلخص عمل اللجنة في التحديد بما يلي :
(( يبدأ الحد من سفح جبل عير من الجانب الشمالي الغربي متجهاً غرباً ثم ينعطف شمالاً عند اتصاله بطريق الجامعات , ثم يستمر الحد على امتداد طريق الجامعات متجهاً نحو الشمال حتى يصل إلى محاذاة سفح جبل أحد من الناحية الشمالية الغربية , ثم يستمر الحد نحو الشمال الغربي ماراً بالمزارع الواقعة غرب الوادي ثم يستمر متجهاً إلى جبل ثور ثم ينعطف من سفحه الجنوبي متجهاً نحو الشرق حتى يتصل بطريق الجامعات , ثم يستمر الاتجاه مع طريق الجامعات حتى يلتقي بطريق المطار القديم عند مجسم السبيل ثم ينعطف نحو الجنوب الشرقي متجهاً نحو الجنوب مع طريق الأبراج حتى يصل إلى البرج رقم ( 404) وعند هذا البرج ينعطف جنوباً مع انعطاف طريق الجامعات حتى يصل إلى تقاطعه مع امتداد شارع قباء , ثم يستمر الحد متجهاً غرباً حتى يصل إلى البرج رقم ( 555) الواقع في سفح جبل عير من الجانب الشمالي الشرقي , ثم بعد ذلك يستمر الحد مع سفح جبل عير من الجانب الشمالي وحسب تعرجاته حتى يصل الحد إلى السفح الشمالي الغربي لجبل عير ))
· المسجد النبوي الشريف :
المسجد النبوي الشريف: أهم معالم المدينة المنورة، بني في المكان الذي بركت فيه ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل المدينة مهاجراً، وشارك في بنائه بيديه الشريفتين، وصار مقر قيادته، وقيادة الخلفاء الراشدين من بعده، ومنذ ذلك التاريخ وهو يؤدي رسالته: موقعاً متميزاً للعبادة، ومدرسة للعلم والمعرفة، ومنطلقاً للدعوة.
وقد وردت في فضائله أحاديث نبوية كثيرة، تبين أهميته ومكانته العظيمة وتحض على زيارته والصلاة فيه،ومن هذه الأحاديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحـال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هـذا، والمسجد الأقصى». رواه البخاري ومسلم.
ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ».رواه البخاري ومسلم.
تسن هذه الزيارة في أي وقت من الأوقات، ولا علاقة لها بشعائر الحج أو العمرة، ويسن للزائر أن يتأدب بآداب عامة قبل الزيارة وبعدها، فمن ذلك :
· أن يتطهّر في بيته ويتطيّب، ويمشي إليه في سكينة ووقار، مظهراً الخشوع لله سبحانه وتعالى، ومكثراً الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
· أن يدخل المسجد بالرجل اليمنى قائلاً: بسم الله والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك.
· أن يصلي ركعتين تحية المسجد في أي جزء من المسجد، ويفضّل أن تكون في الروضة الشريفة . ثم يتوجّه إلى زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
تأسيس المسجد والقبلة إلى بيت المقدس (سنة 1هـ)
بدأ التأسيس بعد عدة أيام من الهجرة.
· الطول : 35م
· العرض : 30م
· عدد الأعمدة : 18
· عدد الأروقة : 3
· ارتفاع الجدران : 2م
· الإنارة : مشاعل من جريد النخل
· المساحة الكلية للمسجد: 1060م2
· وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء، مهاجراً من مكة المكرمة في 12 ربيع الأول، من عام 622م.
· وبعد أن مكث فيها عدة أيام، توجه على ناقته القصواء إلى المدينة المنورة، تحفه جموع المسلمين من المهاجرين والأنصار، فبركت الناقة في أرض ليتيمين من بني النجار تقع في وسط المدينة، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما.
· وكان في الأرض قبور للمشركين وخِرَب ونخل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع.
· واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البقعة لتكون مسجداً يجتمع المسلمون فيه لأداء صلواتهم وعباداتهم، وشرع مع أصحابه في بنائه، فاستغرق ذلك عدة شهور، وكان اتجاه القبلة يومئذ إلى بيت المقدس في الجهة الشمالية منه.
· كان بناء المسجد من اللَّبِن وسعف النخيل، وأما سقفه فمن جذوع النخل، وقد بلغ طوله: 35م، وعرضه: 30م، وارتفاع جدرانه: 2م، ومساحته الكلية: 1060م2 تقريباً، وله ثلاثة أبواب:
· الباب الأول: في الجهة الجنوبية.
· الباب الثاني: في الجهة الغربية، ويسمى باب عاتكة، ثم أصبح يعرف بباب الرحمة.
· الباب الثالث: من الجهة الشرقية، ويسمى باب عثمان، ثم أصبح يعرف بباب جبريل.
· وكانت إنارة المسجد تتم بواسطة مشاعل من جريد النخل، توقد في الليل.
تحويل القبلة سنة 2هـ
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهراً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن تكون قبلته إلى الكعبة قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام.
وكان يكثر الدعاء والابتهال إلى الله عز وجل من أجل ذلك، فاستجاب الله له، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّماء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجدِ الحرامِ وحيثُ ما كُنْتُم فَولُّوا وجوهَكُم شَطْرَه، وإِنَّ الذين أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أنه الحقُّ من ربهم، وما اللهُ بغافلٍ عَمًّا يعملون} [البقرة: 144].
وكان ذلك ـ حسب أغلب الروايات ـ في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة.
ويروى أن ذلك كان في صلاة ظهر، وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ركعتين، فلما نزلت آية تحويل القبلة استدار مع المسلمين تجاه الكعبة وصلى الركعتين الباقيتين، وكانت صلاة العصر من هذا اليوم أول صلاة كاملة صلاها تجاه الكعبة المشرفة.
وبعد تحويل القبلة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإجراءات اللازمة في مسجده الشريف، فأغلق الباب الكائن في الجدار الجنوبي ـ جدار القبلة الحالية ـ وفتح بدلاً منه باباً في الجدار الشمالي ـ جدار القبلة سابقاً.
وفي تحول المسلمين إلى الكعبة وانصرافهم عن بيت المقدس طعن السفهاء من المشركين وأهل الكتاب وقالوا: ما وَلاَّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فنـزل قوله تعالى: {سيقول السفهاءُ من الناس ما وَلاَّهُم عن قبلتهم التي كانوا عليها قُلْ لله المشرقُ والمغربُ يهدي مَنْ يشاءُ إلى صراطٍ مستقيم} [البقرة: 142].
التوسعة الأولى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (سنة 7هـ)
· تاريخ التوسعة : 7هـ
· مقدار الزيادة : 1415م2
· الطول : 50م2
· العرض : 49.5م2
· المساحة الكلية : 2475م2
· ارتفاع الجدران : 3.50م
· عدد الأبواب : 3
· عدد الأعمدة : 35
· الإنارة : مشاعل من جريد النخل + أسرجة (جمع سراج) توقد بالزيت
· لما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر قام بأول توسعة لمسجده الشريف، وذلك نظراً لزيادة عدد المسلمين، وقد تم ذلك في المحرم سنة 7هـ، فزاد 20م في 15م تقريباً، حتى صار المسجد مربعاً 50م×49.5م2، ومساحته الكلية 2475م2، بزيادة قدرها: 1415م2.
· وبلغ ارتفاع الجدران 3.50م، وعدد الأبواب: 3 أبواب، وعدد الأعمدة 35 عموداً.
· وأصبحت الإنارة بعد القرن التاسع الهجري، تتم بواسطة أسرجة (جمع سراج) توقد بالزيت، موزعة في أنحاء المسجد.
· كثر عدد المسلمين في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وظهر تصدع ونخر في بعض أعمدة المسجد، فقرر عمر رضي الله عنه عام 17هـ توسعة المسجد. وقد امتدت التوسعة في ثلاث جهات: إلى الجنوب خمسة أمتار، وإلى الغرب عشرة أمتار، وإلى الشمال خمسة عشر متراً. ولم يزد في الجهة الشرقية لوجود حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وبعد هذه التوسعة، صارت مساحته الكلية : 3575م2، بزيادة قدرها: 1100م2، وارتفاع جدرانه 5.50م، وعدد أبوابه: ستة أبواب، وله ستة أروقة، وجعل له ساحة داخلية (صحن المسجد) فرشت بالرمل والحصباء من وادي العقيق. وجعل له ساحة أخرى خارجية، تسمى "البطيحاء"، وهي ساحة واسعة تقع شمال المسجد، أعدت للجلوس لمن يريد التحدث في أمور الدنيا وإنشاد الشعر، وذلك حرصاً من الخليفة عمر رضي الله عنه على أن يظل للمسجد هيبته ووقاره في قلوب المسلمين. وظلت إنارة المسجد تتم بواسطة الأسرجة التي توقد بالزيت.
· مع مرور السنين ازداد عدد المسلمين، وضاق المسجد النبوي الشريف بالمصلين، وساءت حال أعمدته، فأمر الخليفة عثمان سنة 29هـ بزيادة مساحة المسجد وإعادة إعماره، فاشترى الدور المحيطة به من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية، ولم يتعرض للجهة الشرقية لوجود حجرات زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فيها. وتم البناء بالحجارة المنقوشة (المنحوتة) والجص، وبنى الأعمدة من الحجارة، ووضع بداخلها قطع الحديد والرصاص لتقويتها، وبنى السقف من خشب الساج القوي الثمين المحمول على الأعمدة. وأصبحت المساحة الكلية للمسجد : 4071م2، بزيادة قدرها 496م2
· وبلغ ارتفاع الجدران 5.50م، وعدد الأروقة : 7 أروقة، وعدد الأبواب: 6 أبواب، وعدد الأعمدة: 55 عموداً، وله ساحة داخلية واحدة. وفي هذه العمارة ظهر لأول مرة بناء المقصورة في محراب المسجد لحماية الإمام، وبها فتحات يراه منها المصلون. وصارت إنارة المسجد تتم بواسطة قناديل الزيت الموزعة في أنحاء المسجد.
عمارة القبة
في عام 678هـ أمر السلطان المملوكي المنصور قلاون الصالحي بعمارة قبة فوق الحجرة النبوية الشريفة، فجاءت مربعة من أسفلها، مثمنة من أعلاها، مصنوعة من أخشاب كسيت بألواح بالرصاص. وفي الفترة من عام 755 ـ 762هـ جدد الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ألواح الرصاص التي على القبة الشريفة. وفي عام 765هـ عمل السلطان شعبان بن حسين بعض الإصلاحات في القبة الشريفة. وفي عام 881هـ أبدل السلطان قايتباي سقف الحجرة الخشبي بقبة لطيفة، جاءت تحت القبة الكبيرة. وفي عام 886هـ احترقت القبة الكبيرة باحتراق المسجد النبوي الشريف، فأعاد السلطان قايتباي بناءها بالآجر عام 892هـ، ثم ظهرت بعض الشقوق في أعاليها فعمل لها بعض الترميمات، وجعلها في غاية الإحكام. وفي عام 974هـ أصلح السلطان سليمان القانوني العثماني رصاص القبة الشريفة ووضع عليها هلالاً جديداً. وفي عام 1228هـ جدد السلطان محمود الثاني العثماني القبة الشريفة، ودهنها باللون الأخضر، فاشتهرت بالقبة الخضراء، بعد أن كانت تعرف بالبيضاء أو الزرقاء أو الفيحاء. ومنذ بداية العهد السعودي وإلى تاريخ إعداد هذه المعلومة 1419هـ أعيد صبغ القبة باللون الأخضر عدة مرات، مع بعض الإصلاحات والترميمات اللازمة لها.
عمارة وتوسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود
(التوسعة الكبرى) (سنة 1405-1414هـ)
· تاريخ التوسعة : 1405-1414هـ
· مساحة التوسعة : 82.000م2
· مساحة الساحات الخارجية : 235.000م2
· مساحة السطح : 67.000م2
· المساحة الكلية للتوسعة : 384.000م2
· المساحة الكلية للمسجد : 400327
· ارتفاع الجدران : 12.55م
· عدد الأبواب : 85
· عدد المآذن : 10
· ارتفاعها : (1) 47.50م، (2) 72م، (1) 60م، (6) 104م
· عدد الأعمدة الجديدة : 5121
· المجموع الكلي للأعمدة : 6000
· عدد القباب المتحركة : 27
· المجموع الكلي للقباب في التوسعة : 34
· عدد المصابيح : 21820
· عدد الثريات والنجفات : 305
· عدد الساحات الداخلية : 2
· عدد السلالم : 6 مجموعات كهربائية و 18 عادية
· مواقف سيارات : تقع تحت الساحات الخارجية للحرم، وتتألف من دورين تستوعب 4500 سيارة.
· بعد التغيرات الكبيرة التي طرأت على عالمنا الإسلامي إن على صعيد النمو السكاني أو النمو الاقتصادي أو الوعي الديني والتي أدت إلى تضاعف أعداد الزائرين تضاعفاً كبيراً ضاق بهم المسجد الشريف، أصدر خادم الحرمين الشريفين بعد الزيارة التي قام بها إلى المدينة أمره الكريم بوضع التصميمات لتوسعة ضخمة للمسجد النبوي الشريف، لتستوعب الزيادات الطارئة، والمتوقعة في الأعوام القادمة. وفي يوم الجمعة 1405هـ قام خادم الحرمين الشريفين بوضع حجر الأساس لهذه التوسعة. وفي شهر محرم من عام 1406هـ كانت بداية العمل، واستمر حتى 15/11/1414هـ حين وضع خادم الحرمين الشريفين اللبنة الأخيرة في أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف. وأصبحت مساحة المسجد 384.000م2، تشمل: الدور الأرضي، والسطح، والقبو. وعلى الجهات الأربعة للتوسعة ساحات ممتدة تبلغ مساحتها 235.000م2، تتوزع فيها مبان صغيرة تؤدي إلى دورات المياه، ومواقف السيارات والتي تتألف من دورين تستوعب أكثر من 4500 سيارة.
مسجد قباء :
لمسجد قباء أهمية كبيرة فقد أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة عندما وصل المدينة مهاجراً من مكة ، وشارك الصحابة في بنائه ، وإليه – على أصح الأقوال – يشير سبحانه وتعالى في قوله : (( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه رجال يحبون أن يتطهروا و